فرسان الحق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يوسف أيها الصديق أفتنا...

اذهب الى الأسفل

يوسف أيها الصديق أفتنا... Empty يوسف أيها الصديق أفتنا...

مُساهمة من طرف بنت الخطاب الخميس مارس 09, 2023 1:57 pm

{ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا } ..
 هذه لحظةٌ ؛ لا تُشبه الأوقات ..


 لحظةٌ اكتمل فيها يوسف عُلوّاً ؛ فتهيّأت له الأقدار !


 يقتربُ إليه السّاقي ..
 ويفتحُ السجّان أقفالاً ؛ التَهمها الصَّدأ وَشظفُ الإنتظار !


 يبدو الحزن في السّجن ؛ غَفيرا ..
 حيث يخطو السّاقي بِحَذر ٍإلى مكانٍ ينطفئ فيه القلب آلافُ المرات ..
وينسابُ حُزنٌ عتيق ؛ على مَن تركوه مأخوذاً بما لم يفعل !


{  يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ } ..
ترى ؛ كم خريفٍ مـَرّ على هذا الوجه ؟
 وكيف تشيخ الأعمار قبل أوانها ؟!


{ أيها الصّدّيق } ..
يرتطمُ صوته بذكرياتٍ قديمة ..
 وتجذبه الكلمةُ إلى ذكريات السّجن ..
 ويسيلُ الحنين في قلبِ يوسف !


{ أيها الصّدّيق } .. 
كان السّاقي يخيطُ بالكلمةِ ؛ الكثير من مَسافات الغياب !


{ أفتِنا } ..
 إذْ لا يملك أن يرى ما بعد حجابِ (الآن) ؛ إلا الأنبياء !


{ أفتنا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ } ..
 يعيدُ الساقي بدقة ترتيلَ الرؤيا ؛ ويغرقُ في غُموضها ..
 لكن المعنى يضيءُ ليوسف ، ويبلغ في التّأويل قمّة الوعي !


{ قَالَ تزرعون } ..
بالفعل المضارع الذي يتوهّج الآن ..
وبواوِ الجماعة كُلها ..
 فهذا سلوكُ أمّةٌ ؛ تريد أن تحمي مستقبلها !


{ تَزرعون } ..
هنا ؛يعد يوسف المواقد لزَمهرير الشتاء .. ويوقف صوت الدّموع مُبكرا !


{ تـَزرعون } ..
 بالفعل المضارع المستمر ولو كانت الحدائق ملآى بأسرابِ الطيور ..
لماذا ؟! .. لأن الذين يستهلكون دُون حكمة الإنفاق ؛ غَدُهم مليءٌ بالأرغفة  اليابسة !


ولقد كانت الرؤيا ؛ تكشفُ ما ليس ينكشف ..
لذا .. انظـُر إلى التحذير القرآنيّ ؛ كيف تصطفّ سنين الجُوع بجانب سنين الشّبع الملآى! ..{ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ } .. 
إذ هكذا يورِق الخَراب ؛ رغم السنابل الملآى ..
 والنهايات ؛ بالبدايات تُعرَف !


 يتابع الصديق ويتدفّق بالحَل ؛ فيقول :
{ تزرعون سبْع سنين دَأبا } ..
حيث الفعل المضارع مع واو الجماعة ، والوقت المُكتظّ بالجهد الهادف ؛ هو فعلُ أمّة تنقش حُضورها قَدرا ..
إن الوقت والجُهد ؛ هما معادلة الإنجاز !


وفي هذا التأويل ..
 تَخلق الكلمات خزائن ؛ توضَع فيها وديعة الأجيال ..
 فلا يغدو مُستقبلهم دمعةً في زمن الآهات القادمة!


{ تـَزرعون } ..
 وبذا ؛ تنتهي احتمالاتُ المجاعة ، فنحن مَن نمشي لأقدارنا !


 وهنا القرآن يقرر أنّ المسافة بين الجُوع وبين الشبع ؛ قرارُ خزينة عليها : { حفيظٌ أميـن } ..
 وما سوى ذلك ؛ شعوبٌ محكومة بالعـَذاب ..
 يغيبون بصمتٍ وبألوانٍ باهتة ؛ فللبقاء سُنـن الإعـداد ..
 وللجـِرار الفارغة ؛ حَسرة التمنّي !


كان الساقي يرتجف وهو يتلو الرؤيا { يَأكلْهن سبعٌ عِجاف } .. وكان يوسف ساكناً .. 
سبعٌ عِجاف.. لا بأس .. فهذه سنّة الله في حركةِ الحياة .. ولكنّنا ؛ نُدافع الأقدار بالأقدار !


يصغي يوسف إلى صمت المَشهد ؛
 فَيسمع أنينَ الزوال ..
 وفي غَمرة الخواء ؛ تبدو خُطة يوسف مثل مَخطوطة نادرة !


{ سبعٌ عِجاف } ؛ ستكون فيها الأشجار العارية ، والغُيوم العقيمة ، والسِّلال الفارغة !


لذا ..
إياك أن تأذَن لفأسِك أن تَغتال كل أشجار الغابة ..
 إيّاك وحَريق الموارد !


وإنّها لسنن الله التي لا تحابي أحدا  .. أن الكثير في انفاقه ؛ قليل في قادمِ أيامه .. 
ولقد كانت الرؤيا تُنبّئ عن أواخر الطريق ..
 تنبّىء عن الهَجير ؛ إذ يفجأ المطايا الظامئة ..
 وكان يوسف يَنصت لرسائل الله جيدا !


 يُتمّ يوسف خطّته ؛ فيقول ..
{ فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ } .. 
فلا يغدو المَشهد القادم خاليا من البيادر !


 وهنا ؛ فقهٌ اقتصاديٌّ تُحفظ به الدول .. ( فقهُ المخزون الاحتياطي ) .. 
إذْ كم أمّة سَقطت مِن أعلى النّص ..
 كم أمّة كتبت سَطرها الأخير ؛ وماتت الأنهار فيها عَطشا ، وصارت غُبار الغبار !


 ( فقهُ المخزون الاحتياطي ) لأنّ نزف المزيد مآله عيشٌ القليل ..
ولقد كان يوسف يُدرك أنّ فراغ السنابل ؛ يهدر عُمر بقاءنا ..
{ فذَروه في سنبله } .. أمرٌ وليس ترجّي ؛ لأنّ بعض الهفوات الاقتصادية عويلٌ طويل !


والمُدهش ؛ أنّ هذا الأمر ومِصر في وَفْرتها ..
لكان يوسف كان يلتقطُ رسالة الرؤيا ؛ ويستشرف المُستقبل !


{ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ } ..
 وليس مِما تهدرون ..
 حتى لا نصبح حكاية { بئرٌ معطلةٌ وقَصر مَشيد } !


يفهم يوسف معنى { يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ } ..
 وهنا يقرأ يوسف من الغَيب أعلى رسائله ..
 ويتعلّم ؛ كيف يخلقُ روح الحيـَاة من أسباب موتها !


لذا قال :
{ تَزرعون } ..
حيث تَعبـُر الأمة من الجُرح إلى الشفاء ، وتخزّن من حكمتها خُبزا لمجاعتها !


{ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ } ..
 يتجرع الوعي ملح الحقيقية ..
 وَيمسك يوسف خَيط النّجاة ؛ ويلبس الحقائق أثوابها !


{ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ } ..
ثمّة صوت مُريع في التعبير ؛ حتى كأنّك تسمع أمّة تُطحن بين أنياب الجُوع !


{ يَأْكُلْنَ } ..
حيث تشتد أعوام الرمادة ، وتموج الحقول بِسعال المتعبين ..
تلتئم طوابير الرغيف المفقود، وتتقن الأمة صلاة الخوف .. وتأكلها الهزيمة ..
 ولاينزع حينها عن المواسم سوادها ؛ { إلا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ } !


هل هذا معنى ؛ ترشيد الاستهلاك وترشيد الانفاق ؟
إنّ الموارد ( مائدة ) ؛ يأكل منها أوّلنا ويبقى منها لآخرنا .. وهي عِيدنا ..
 والنّاهبون لها ؛ يُمهّدون لموتنا !


{ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ } ..
ما أوضح الوضوح في الصُورة .. 
وما أقسَى وهم الأمان والقَبض على السراب ..
 سَراب الوفرة ؛ والمَجاعة تقترب !
والدول بدون يوسفها مآلها النفاد والاندثار ! 




منقول


ُ
‏‎

بنت الخطاب
المشرفة العامة
المشرفة العامة

عدد المساهمات : 1324
تاريخ التسجيل : 02/01/2017

أمين يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى