تأملات في سورة مَريـــم
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تأملات في سورة مَريـــم
بسم الله الرحمن الرحيم :
هل هناك علاقة بين حياة الشقاوة وعقوق الوالدين ؟
يحي كان بارا بوالديه
﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾
وجزاء هذا العمل أن الله سلمه من أن يكون جبارا عصيا
أي هو ليس بجبار يريد الإنتقام ممن آذاه أو خالفه بأقصى أنواع العقوبة
وليس بعصي يحب مخالفة غيره فقط حتى لا يشعر بذلة الاتباع
بل هو متسامح لين .
لذلك كان يعيش حياة السلام
" والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا "
عيسى كان بارا بأمه
﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾
وجزاء هذا البَــر أن الله سلمه من أن يكون جبارا شقيا
فهو عاش متسامحا مع من آذاه لا رغبة لديه في الإنتقام
سعيدا غير شقي في أموره وديناه
فلا عجب أيضا أن يعيش عيسى سلاما يُحسد عليه كُــل من وجده
" والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا "
ومن هنا نعرف أن من يعيش حياة الغضب والمشاجرة مع الآخرين
وضيق النفس وحب الانتقام فلا يبحث بعيدا عن علته
فهو بلا شك غير بار بأمه أو والديه
ومن أراد السلام وراحة البال وهدوء النفس
فعليه ببر أمه
فلا يجادلها إذا خالفته في الرأي
ولا يثبت لها خطأَها إذا صححت له رأيا
ولا يرفع صوته عليها إذا لم تقبل برأيه .
فالسلام بجوار الأمهات
Chahinez يعجبه هذا الموضوع
رد: تأملات في سورة مَريـــم
العقوبة الثانية للعاق أنه :
غير مُجاب الدعوة
قال زكريا في سورة مريم :
﴿ وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾
شقيا معناه أنني لم يسبق لي أن دعوتك فحرمتني الإجابة
وهذه وسيلة حسنة حيث يجوز الاستشفاع بالنعم بين يدي الدعاء .
روي أن حاتم الجود جاءه رجل ، فقال له : من أنت ، قال : أنا الذي أحسنت إليه في العام الأول ، فرد عليه حاتم : مرحبا بمن تشفع إلينا بنا
وقد عرفنا أن البر بالوالدين سبب المنع من الشقاء
فالذي يسأل الله ولا يُجاب فعليه أن يصلح بينه وبين والديه
لأن الشقاوة سببها عدم إجابة الدعوات
وعدم الإجابة سببها عقوق الوالدين
رد: تأملات في سورة مَريـــم
فالسؤال الذي طلبه زكريا هو أن يكون له وراث يرثه من جهته
وليس من جهة الموالي
يقول سبحانه :
﴿ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي ﴾
والموالي هم أبناء العم
قال الشاعر :
مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
لكن السؤال هنا :
كيف طلب زكريا من الله شيئا فيه خرقا للعادة بلا إذن ؟
فزكريا شيخ كبير وإمرأته عاقر
وهذه الحالة يستحيل معها حصول الولد من مانعين :
مانع الكبر ، ومانع العقر
ولا ينبغي للمرئ أن يسأل الله ما فيه خرقا للعادة أو يطلب ما لا يحل له
كأن يسأل الإنسان من ربه أن يطير أو يسأله أن يصير نبيا
ومعلوم أن زكريا عليه السلام انتظر طويلا حتى بلغ العُتي من الكبر
والعتي هو السن الذي يرق فيه العظم وييبس الجلد ويبيض شعر الرأس
ومع أنه عاش طويلا لكنه لم يسأل الله أن يرزقه الولد لأنه خشي أن يكون ذلك تعديا في الدعاء لأن إمراته عاقر
والواجب عليه هو الصبر والرضا بقضاء الله وقدره .
الجـــــــواب :
الأصل والقاعدة هي التي مشى عليها زكريا حيث امتنع عن هذا الدعاء كل هذه السنوات رغم علمه أنه مجاب الدعوة ولم يسبق أن رده الله في أي مسألة .
لكنه طمع في هذا السؤال لما زار مريم عليها السلام
ووجد عندها طعاما في غير وقته
﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾
فهنا طمع زكريا في دعاء الولد رغم الموانع التي عنده ، لما رأى أن الله يرزق مريم بغير سبب
فإن كان الله يرزقها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء
لما لا يسأل الله الولد الذي يرثه
فقال :
﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾
ومن هنا نفهم أن الإنسان لا يسال الله ما لا ينبغي
حتى تأتيه الإشارة التي يفهم منها أن الله يأذن له في سؤال ما تنخرق لأجله العادة
ابو الفوز العمار يعجبه هذا الموضوع
رد: تأملات في سورة مَريـــم
إذن لدينا مستويين من مجابي الدعوة
المستوى الأول : إجابة الدعاء في الأمورالعادية
التي ليس فيها خرقا لنواميس والسنن
وهذا مستوى الأبرار
وشرط بلوغ هذه المرتبة هو:
بر الوالدين
المستوى الثاني : إجابة الدعاء في الأمور الصعبة التي فيها خرقا للعادة
وشرطها صعب ويكمن في ثلاث أمور :
المسارعة في فعل الخيرات
الرغبة والرهبة في الدعاء
الخشوع
والدليل من القرآن :
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ
إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ
إِنَّهُمْ كَانُوا وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا
ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ
وهذا مستوى المقربين
رد: تأملات في سورة مَريـــم
فزكريا كان يريد ولدا يرثه
يقول سبحانه :
يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ
إذن ما نوع هذا الميراث ؟
لدينا خمسة أشياء تصلح كميراث لكنها لا تصلح جميعا وهي :
النبوة
العلم
الحكمة
المال
الملك
فالنبوة لا تورث لكونها اصطفاء رباني
والمُلك يسقط من هذه الإحتمالات لأن زكريا لم يكن ملكا
والمال أيضا يسقط بسبب ما جاء في السنة أن الأنبياء لا يتركون ميراثا لأوليائهم
حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركنا صدقة "
وفي حديث آخر : " العلماء ورثة الأنبياء ، الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم "
وهذه الأنواع مستنبطة من حالة سليمان وداود
حيث أن سليمان ورث من داود بنص القرآن
" وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ "
ومعلوم أن داود لما قتل جالوت أعطاه الله ثلاث عطايا :
الملك ، العلم ، الحكمة
" وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ "
وهذه العطايا هي التي ورثها سليمان من جهة أبيه
إذن الميراث الذي أراد زكريا أن يحصل عليه إبنه المستقبلي هو :
العلم والحكمة
Chahinez يعجبه هذا الموضوع
رد: تأملات في سورة مَريـــم
لكن هناك معنى سيشوش علي هذا الاستنتاج
وهو أن يحي لن يرث فقط من جهة أبيه بل سيرث أيضا من جهة آل يعقوب حسب الدعاء
فالعلم والحكمة من زكريا
لكن ماذا سيرث من جهة آل يعقوب ؟
فمعلوم أن زكريا من ذرية يعقوب
فلماذا أضافهم في دعاءه ؟
Chahinez يعجبه هذا الموضوع
رد: تأملات في سورة مَريـــم
متابعة أخي كريم
معلومات جميلة جدا
سبحان الله لقد لفتت الايات الاولى نظري منذ مدة دون معرفة بسابق تفسير ومما لفت نظري امر آخر
ان عقوق كلا الوالدين من أم واب قال فيه الله (جبارا عصيا)
اما عقوق الأم تحديدا فقال فيه الله تعالى (جبارا شقيا)
ولا اظن ان اختيار التعبير جزافا ...
فهل عندك من تعليق أخي
معلومات جميلة جدا
سبحان الله لقد لفتت الايات الاولى نظري منذ مدة دون معرفة بسابق تفسير ومما لفت نظري امر آخر
ان عقوق كلا الوالدين من أم واب قال فيه الله (جبارا عصيا)
اما عقوق الأم تحديدا فقال فيه الله تعالى (جبارا شقيا)
ولا اظن ان اختيار التعبير جزافا ...
فهل عندك من تعليق أخي
بنت الخطاب- المشرفة العامة
- عدد المساهمات : 1324
تاريخ التسجيل : 02/01/2017
Chahinez يعجبه هذا الموضوع
رد: تأملات في سورة مَريـــم
وبالنسبة لميراثه من آل يعقوب اعتقد انه والعلم عند الله هو الصبر
بنت الخطاب- المشرفة العامة
- عدد المساهمات : 1324
تاريخ التسجيل : 02/01/2017
رد: تأملات في سورة مَريـــم
لا اعرف اخي الكريم شيئا محددا اشتهر به ، لكن بعد البحث وجدت انهم اخذوا عنه كما يقال التعميد للتطهر من الذنوب والخطاياأمين كتب:بارك الله فيك أختي الكريمةماهو الشيء الذي تميز به يحيى عند النصارى ؟
بنت الخطاب- المشرفة العامة
- عدد المساهمات : 1324
تاريخ التسجيل : 02/01/2017
رد: تأملات في سورة مَريـــم
جزاك الله خيرا اخى موضوع رائع
في المسيحية يسمى يوحنا المعمدان (كان يعمّد الناس أي يغسلهم في النهر ليتوبوا عن الخطايا) ويقال انه من عمّد المسيح.
ويحيى ايضا مرتبط بالكتاب يا يحيى خذ الكتاب بقوه
في المسيحية يسمى يوحنا المعمدان (كان يعمّد الناس أي يغسلهم في النهر ليتوبوا عن الخطايا) ويقال انه من عمّد المسيح.
ويحيى ايضا مرتبط بالكتاب يا يحيى خذ الكتاب بقوه
sama- عدد المساهمات : 678
تاريخ التسجيل : 21/02/2016
رد: تأملات في سورة مَريـــم
" واتخدوا من دون الله الهة ليكونوا لهم عزا "
اختبار العزة هو أعظم اختبار تختبر فيه النفس
ومن يسقط فيه يخسر ما لا يمكن تعويضه
الشعوب التي كانت موحدة ثم تركت اسلامها
سببها هو طلبها العز في الكفر
حيث لما تضعف تلك الشعوب وتهون أمام الشعوب المنتصرة الوثنية
ترجع الى نفسها وتقول ما اذلنا الا ديننا فيتركوه
وما اعز هذه الشعوب التي تغلبت علينا إلا وثنيتهم فيعتنقوه
وهذه القصة قديمة جديدة وليست متعلقة فقط بالشعوب التي أخبر عنها القرآن
فاليوم مثلا اصبحت نسبت الاسلام في اندونيسيا هي 85 ٪ بعدما كانت 100 ٪
ففي كل سنة يخرج ما بين مليون الى مليونين من الاسلام ويعتنقون النصرانية ذات الصبغة الوثنية، ظانين أن في ذلك عزهم العاجل
ولا شك أن هذا الخلل في الفهم يتولد عنه خطأ في الاختيار
وبالتالي السقوط في اختبار العز
فالعزة شرطها الايمان بعد الاسلام أما مجرد الاسلام فهو غير كافي في استنزالها
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى