قصة الامام النووي مع الظاهر بيبرس

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قولة حق من الإمام النووي أمام القائد بيبرس :


بعد أن انتصر الظاهر بيبرس على التتار قدم إلى دمشق فاتحاً منتشياً، حرّض خازن بيت المال الظاهر بيبرس على أملاك الناس زاعماً أنها أملاك دولة، فأمر بمصادرة ما لم يثبت ملكيته بحجة وسند.
جاء الناس يشتكون إلى الإمام النووي فكتب إلى القائد بيبرس فلم يستجب.
بل انه في موقف مماثل فرض بيبرس ضرائب على التجار لغرض محاربة التتار (ضريبة دفاع)، فاستصدر فتوى من العلماء لكن النووي رفض فاستدعاه.
ذهب إليه الإمام النووي، وأسمعه كلاماً قاسياً بعدم جواز تجريد الناس من أملاكهم. 
ومما قال له :
أعرف أنك كنت في الرق لفلان، وليس لك مال، ثم منّ الله عليك، وجعلك ملكاً، وسمعت أن عندك ألف مملوك، كل مملوك له حِياصة من ذهب.وعندك مائة جارية، لكل جارية حقٌّ من الحلي، فإن أنفقت ذلك كله، وبقيت المماليك بالبنود الصوف بلاحوائص، وبقيت الجواري بثيابهن بلا حلي أفتيتك عندئذ بأخذ المال من الرعية.
أبدأ بنفسك، ثم بعد ذلك إذا تجردت من ذلك جميعاً ولم يكفِ لرد التتار أفتيتك بجواز الأخذ من التجار لصد عادية التتار.
أمر القائد بيبرس بأن يُعزل الإمام النووي من منصبه ويقطع راتبه!
فأخبره أن لا منصب له ولا راتب!
كان لا يأخذ شيئاً، ويجعل كل ما له من حقوق وقفاً للمسلمين، ويعيش على طعام والده من بلده نوى.
قال له بيبرس: اخرج من بلدي، يعني: من دمشق، فخرج النووي رحمه الله إلى نوى ( في ريف درعا)، وهي مسقط رأسه.
قام الفقهاء وقالوا: إن هذا من كبار علمائنا وصلحائنا وممن يُقتدى به، فأعده إلى دمشق، فكتب برجوعه، إلا أن النووي رحمه الله امتنع، وقال: والله لا أدخلها والظاهر فيها، فمات الظاهر بعد شهر.
هكذا هم العلماء الربانيون.
أ.  د.  خالد العمار