السلطان الأكحل
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
السلطان الأكحل
بسم الله الرحمن الرحيم :
السلطان الأكحل :
لا شك أن قلة قليلة من الناس من تعرف هذا الملك ، الذي يعد آخر ملوك الإسلام الذين عبروا إلى الأندلس لأجل تحريرها ، لكن مهمته باءت بالفشل الذريع وانتهت آخر محاولة لإسترجاع الأندلس .
لكن من هو هذا السلطان ؟
هو السلطان علي بن عثمان المعروف في كتب التاريخ أبو الحسن المريني أقوى حكام الدولة المرينية التي حكمت المغرب لقرنين من الزمان بعد الدولة الموحدية ، وشهدت توسعا كبيرا في أيام هذا السلطان حيث استطاع السيطرة على معظم دول المغرب الإسلامي من المغرب إلى الجزائر إلى تونس ، واستطاع في البداية استرجاع جبل طارق بعدما أوفد إليه ابنه أبا مالك وأمره بالتوغل في بلاد النصارى لكنه خسر في أحد المعارك وتوفي ، فقرر السلطان الانتقام لإبنه وذهب بنفسه إلى الأندلس لأجل تأديب جيش النصارى لكنه مني بهزيمة كبيرة في معركة " الطريف " التي تحالف ضده كل من مملكة البرتغال ومملكة قشتالة ، وبعد هزيمته عاد إلى المغرب لأجل استجماع قوته والعودة إلى الإنتقام لكننه قرر تأخير هذا الهدف والتوجه نحو الاستيلاء على بلاد الجزائر التي كان يحكمها " بني زيان " ونجح في ذلك ، وبعدها توجه إلى بلاد تونس ليأخذها من "بني حفص" ونجح في ذلك ، لكن هذه الانتصارات لم تتوالى وسرعان ما تحولت إلى هزائم ، حيث ثار عليه قبائل العرب في إفريقية (تونس) وهزم أمامهم ، وبعدها ثار ضده ابنه أبو عنان الذي ولاه على تلمسان ، ودخل في نزاع معه وانهزم أمامه أيضا في معركة وادي الربيع ، ولجأ إلى قبائل هنتانة التي قرر زعيمها نصرته حتى استرجاع ملكه ، لكن المنية عاجلته وتوفي سنة 1348 م .
الغريب في قصة هذا السلطان ليس هنا ، بل في كتاب ألفه أحد العلماء المشهورين في زمانه عنه ، وهو محمد بن مرزوق الذي كان أحد العلماء الثلاثة الكبار في العلم وقتئد مع ابن خلدون ولسان الدين الخطيب ، حيث ألف كتابا بعد موت السلطان أبو الحسن ، سماه " المسند الصحيح في محاسن مولانا أبي الحسن " تناول فيه سيرة ذلك السلطان وأخلاقه وشمائله موزعة على 55 فصلا ، لكن هذا الكتاب ضاع وفقد ولم يعرف له أثر منذ القرن 14 ميلادي وظل خمسة قرون في غياهب النسيان حتى جاءت مؤرخة اسبانية في آواخر القرن العشرين مهتمة بتاريخ الأندلس وقامت بتحقيقه وإعداد مقدمة مناسبة له ، ووجدت نسختين فقط منه ، الأولى في مكتبة الاسكوريال التي شيدها الملك الاسباني فليب الثاني لأجل تخزين الكتب الأندلسية بها بعد سنوات من سقوط آخر ممالك الأندلس والاستيلاء على محتويات مكتبة قرطبة ، وكانت هذه الكتب هي سر النهضة الأوربية وكثير من النظريات العلمية التي ظهرت على يد علماءهم كانت مقتبسة من تلك الكتب التي نقل بعضها إلى مكتبة الفاتيكان، أما النسخة الثانية فكانت بالمكتبة الوطنية بالرباط ، وهي التي اعتمدت عليها الكاتبة في تخريج ذلك الكتاب الذي كان هو موضوع الدكتوراه الخاص بها .
رابط الكتاب
ومن المآثر التي وردت عن هذا السلطان الذي لقب بالأكحل لأن أمه كانت حبشية وجاء يشبهها في البشرة :
أنه كان عادلا بين رعيته مجاهدا في سبيل الله تقيا ورعا ، محبا للعلم وأهله ، كثير الاحسان والتواضع ، بنى عدة مستشفيات للمرضى وأولي الضرر بل يعد من المؤسسين الأوائل لما بات يعرف بمستشفيات الأمراض النفسية ، وأمر بمنح مرتبات للأرامل واليتامى والتكفل بحاجياتهم ، وشيد العديد من المكتبات والمساجد ، وأمر ببناء الساقيات التي تمد القرى والمناطق البعيدة عن مصادر الماء بالمياه ، وشيد منارات عسكرية على رؤوس الجبال تشتعل بالنار كلما رأت عدوا قادما من البحر يريد غزو بلاد المسلمين وانتفع الناس بذلك أيما انتفاع .
كما اشتهر بحبه لكتابة المصحف الشريف بخطه وكان صاحب خط جميل ، وهناك نسختان من القرآن كتبهما بيده وأرسلهما إلى القدس ، ولا يزالان إلى حدود اللحظة في المتحف الاسلامي في الحرم القدسي الشريف ، وهذه صورة لأحد الصفحات من ذلك المصحف :
كما أنه اهتم كثيرا بالعمارة الإسلامية التي تجمع بين الطراز المغربي والأندلسي وشيد مجموعة من المآثر التي تشهد بفخامة ذلك الزمان ومجد تلك الدولة ، ومن أهمها مدرسة ابن يوسف بمراكش ذات النقش الجميل والتصميم الفريد :
يوجد ضريح هذا السلطان في الموقع الأثري شالة ، هذا الموقع سبق لي أن زرته ووضعه مجموعة من الصور عنه في هذا الرابط :
https://forsan.ahlamontada.com/t1114-topic
وهذه صورة الضريح لهذا الملك رفقة زوجته "شمس الضحى" التي كانت ذات شأن في زمانه وشهرتها بلغت المشرق والمغرب :
هذه هي سيرة آخر ملك عبر إلى الأندلس .
السلطان الأكحل :
لا شك أن قلة قليلة من الناس من تعرف هذا الملك ، الذي يعد آخر ملوك الإسلام الذين عبروا إلى الأندلس لأجل تحريرها ، لكن مهمته باءت بالفشل الذريع وانتهت آخر محاولة لإسترجاع الأندلس .
لكن من هو هذا السلطان ؟
هو السلطان علي بن عثمان المعروف في كتب التاريخ أبو الحسن المريني أقوى حكام الدولة المرينية التي حكمت المغرب لقرنين من الزمان بعد الدولة الموحدية ، وشهدت توسعا كبيرا في أيام هذا السلطان حيث استطاع السيطرة على معظم دول المغرب الإسلامي من المغرب إلى الجزائر إلى تونس ، واستطاع في البداية استرجاع جبل طارق بعدما أوفد إليه ابنه أبا مالك وأمره بالتوغل في بلاد النصارى لكنه خسر في أحد المعارك وتوفي ، فقرر السلطان الانتقام لإبنه وذهب بنفسه إلى الأندلس لأجل تأديب جيش النصارى لكنه مني بهزيمة كبيرة في معركة " الطريف " التي تحالف ضده كل من مملكة البرتغال ومملكة قشتالة ، وبعد هزيمته عاد إلى المغرب لأجل استجماع قوته والعودة إلى الإنتقام لكننه قرر تأخير هذا الهدف والتوجه نحو الاستيلاء على بلاد الجزائر التي كان يحكمها " بني زيان " ونجح في ذلك ، وبعدها توجه إلى بلاد تونس ليأخذها من "بني حفص" ونجح في ذلك ، لكن هذه الانتصارات لم تتوالى وسرعان ما تحولت إلى هزائم ، حيث ثار عليه قبائل العرب في إفريقية (تونس) وهزم أمامهم ، وبعدها ثار ضده ابنه أبو عنان الذي ولاه على تلمسان ، ودخل في نزاع معه وانهزم أمامه أيضا في معركة وادي الربيع ، ولجأ إلى قبائل هنتانة التي قرر زعيمها نصرته حتى استرجاع ملكه ، لكن المنية عاجلته وتوفي سنة 1348 م .
الغريب في قصة هذا السلطان ليس هنا ، بل في كتاب ألفه أحد العلماء المشهورين في زمانه عنه ، وهو محمد بن مرزوق الذي كان أحد العلماء الثلاثة الكبار في العلم وقتئد مع ابن خلدون ولسان الدين الخطيب ، حيث ألف كتابا بعد موت السلطان أبو الحسن ، سماه " المسند الصحيح في محاسن مولانا أبي الحسن " تناول فيه سيرة ذلك السلطان وأخلاقه وشمائله موزعة على 55 فصلا ، لكن هذا الكتاب ضاع وفقد ولم يعرف له أثر منذ القرن 14 ميلادي وظل خمسة قرون في غياهب النسيان حتى جاءت مؤرخة اسبانية في آواخر القرن العشرين مهتمة بتاريخ الأندلس وقامت بتحقيقه وإعداد مقدمة مناسبة له ، ووجدت نسختين فقط منه ، الأولى في مكتبة الاسكوريال التي شيدها الملك الاسباني فليب الثاني لأجل تخزين الكتب الأندلسية بها بعد سنوات من سقوط آخر ممالك الأندلس والاستيلاء على محتويات مكتبة قرطبة ، وكانت هذه الكتب هي سر النهضة الأوربية وكثير من النظريات العلمية التي ظهرت على يد علماءهم كانت مقتبسة من تلك الكتب التي نقل بعضها إلى مكتبة الفاتيكان، أما النسخة الثانية فكانت بالمكتبة الوطنية بالرباط ، وهي التي اعتمدت عليها الكاتبة في تخريج ذلك الكتاب الذي كان هو موضوع الدكتوراه الخاص بها .
رابط الكتاب
ومن المآثر التي وردت عن هذا السلطان الذي لقب بالأكحل لأن أمه كانت حبشية وجاء يشبهها في البشرة :
أنه كان عادلا بين رعيته مجاهدا في سبيل الله تقيا ورعا ، محبا للعلم وأهله ، كثير الاحسان والتواضع ، بنى عدة مستشفيات للمرضى وأولي الضرر بل يعد من المؤسسين الأوائل لما بات يعرف بمستشفيات الأمراض النفسية ، وأمر بمنح مرتبات للأرامل واليتامى والتكفل بحاجياتهم ، وشيد العديد من المكتبات والمساجد ، وأمر ببناء الساقيات التي تمد القرى والمناطق البعيدة عن مصادر الماء بالمياه ، وشيد منارات عسكرية على رؤوس الجبال تشتعل بالنار كلما رأت عدوا قادما من البحر يريد غزو بلاد المسلمين وانتفع الناس بذلك أيما انتفاع .
كما اشتهر بحبه لكتابة المصحف الشريف بخطه وكان صاحب خط جميل ، وهناك نسختان من القرآن كتبهما بيده وأرسلهما إلى القدس ، ولا يزالان إلى حدود اللحظة في المتحف الاسلامي في الحرم القدسي الشريف ، وهذه صورة لأحد الصفحات من ذلك المصحف :
كما أنه اهتم كثيرا بالعمارة الإسلامية التي تجمع بين الطراز المغربي والأندلسي وشيد مجموعة من المآثر التي تشهد بفخامة ذلك الزمان ومجد تلك الدولة ، ومن أهمها مدرسة ابن يوسف بمراكش ذات النقش الجميل والتصميم الفريد :
يوجد ضريح هذا السلطان في الموقع الأثري شالة ، هذا الموقع سبق لي أن زرته ووضعه مجموعة من الصور عنه في هذا الرابط :
https://forsan.ahlamontada.com/t1114-topic
وهذه صورة الضريح لهذا الملك رفقة زوجته "شمس الضحى" التي كانت ذات شأن في زمانه وشهرتها بلغت المشرق والمغرب :
هذه هي سيرة آخر ملك عبر إلى الأندلس .
رد: السلطان الأكحل
بإذن الله يعود الإسلام قريبا
يعم الدنيا بالسلام
اللهم فرجك
جزاك الله خيرا اخي على هذه المعلومات الجديدة والقيمة من تاريخ الأمة المنسي
يعم الدنيا بالسلام
اللهم فرجك
جزاك الله خيرا اخي على هذه المعلومات الجديدة والقيمة من تاريخ الأمة المنسي
بنت الخطاب- المشرفة العامة
- عدد المساهمات : 1331
تاريخ التسجيل : 02/01/2017
رد: السلطان الأكحل
جزاكما الله خيرا وأحسن إليكما
ملاحظة :
قرأت في هذه الأيام معلومة تصحح مفهوما حول اسم " الأكحل " الذي اشتهر به هذا السلطان ، إعتقدت في بادئ الأمر كما هو الشائع عند الكثيرين ممن تكلموا حول هذا الملك أن المقصود من ذلك اللقب هو سواد أو سمرة وجهه باعتبار أنه جاء يشبه لون والدته الحبشية ، لكن المؤرخ الناصري في كتابه "استقصاء أخبار المغرب الأقصى" بين أن ذلك اللقب لا يعني سواد بشرته وإنما يعني سواد عيونه فقط ، ولقب بذلك اللقب حتى يتميز عن أخوه الذي كان ملكا أيضا في بلاد معينة والذي كان يلقب بالسلطان الأبيض ، والله أعلم بالصواب لأنه لا توجد أي صورة شخصية لهذا السلطان يمكنها أن ترفع هذا الغموض في هذا الباب ، وأيا كان لونه فهذا لا يهم بقدر ما تهم سيرته وشخصيته .
ملاحظة :
قرأت في هذه الأيام معلومة تصحح مفهوما حول اسم " الأكحل " الذي اشتهر به هذا السلطان ، إعتقدت في بادئ الأمر كما هو الشائع عند الكثيرين ممن تكلموا حول هذا الملك أن المقصود من ذلك اللقب هو سواد أو سمرة وجهه باعتبار أنه جاء يشبه لون والدته الحبشية ، لكن المؤرخ الناصري في كتابه "استقصاء أخبار المغرب الأقصى" بين أن ذلك اللقب لا يعني سواد بشرته وإنما يعني سواد عيونه فقط ، ولقب بذلك اللقب حتى يتميز عن أخوه الذي كان ملكا أيضا في بلاد معينة والذي كان يلقب بالسلطان الأبيض ، والله أعلم بالصواب لأنه لا توجد أي صورة شخصية لهذا السلطان يمكنها أن ترفع هذا الغموض في هذا الباب ، وأيا كان لونه فهذا لا يهم بقدر ما تهم سيرته وشخصيته .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى